حبيب الله ورسوله
بل إن قصة الصحابي الجليل " زيد بن حارثة " رضي الله عنها هي وحدها دليل قاطع على منهج التحرير الإسلامي ، والمكانة السامية التي رفع الله إليها أولئك العبيد الذين كانوا قبل الإسلام لا يُعَدّون شيئًا مذكورًا .
لقد تعرض زيد رضي الله عنه في صغره للخطف ، ثم باعه القراصنة في سوق "عكاظ " بمكة قبل الإسلام . واشتراه حكيم بن حزام ثم وهبه لعمته السيدة خديجة رضي الله عن الجميع ، ثم وهبته بدورها لزوجها محمد صلى الله عليه وسلم فأعتقه . وشاء القدر أن يستدل والد " زيد " وعمه على مكانه بمكة ، فجاءا إلى النبي عليه السلام ، وعرضا عليه ما يشاء من المال مقابل اعادة ولدهما إليهما . ولكن الكريم بن الكرام عليه السلام رفض المال ، وعرض عليهما ما هو أنبل وأكرم ، وهو أن يتم تخيير " زيد " بين البقاء عند النبي أو العودة مع أبيه وعمه إلى موطنه الأصلي ، فإن رغب في الرحيل مع أبيه وعمه فهو لهما بلا أي مقابل ، وإن اختار البقاء مع النبي فله ذلك .. هل يفعل هذا بشر غيره عليه الصلاة والسلام ؟! وفوجئ الأب والعم " بزيد " يرفض العودة معهما إلى بلده وأمواله الطائلة وقبيلته الكبيرة ، ويؤثر البقاء مع مولاه محمد بن عبد الله لما رأى من نبله وكرمه وحنانه الذي يفوق حنان أبويه !! وهنا ردّ النبي عليه السلام التحية بأفضل منها ، فأعلن على الملأ أن زيدا ابنه يرث كلاهما الآخر . كان هذا قبل الإسلام وقبل تحريم التبني . وهنا رضي والد زيد وعمه ، واطمأنا إلى حسن مقام ولدهما عند النبي الكريم فانصرفا سعيدين . فهل عامل أحد عبدًا بأنبل وأكرم من هذا ؟ وهل فعلها أحد غير سيد الأولين والآخرين من قبل أو من بعد ؟ ! لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بعتق زيد وتبنيه بل زوّجه حاضنته " أم أيمن " التي كان قد أعتقها بدورها .. ثم كانت الخطوة الأخرى الكبرى لتحطيم كل الفوارق بين البشر ، وتطبيق المساواة بين الأسياد والعبيد على أرض الواقع . فقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم – بعد الإسلام – ابنة عمته الحسيبة النسيبة زينب بنت جحش لمولاه زيد بن حارثة .. وكان القوم ما زالوا حديثى عهد بالجاهلية وفخرها بالأحساب والأنساب ، فوجدوا في أنفسهم ضيقًا شديدًا وحرجًا بالغًا من هذه الزيجة التي اعتبروها غير متكافئة ، بل تلحق بهم العار، طبقا لما كان عليه العرب في الجاهلية من أعراف وتقاليد .
وهكذا رفضت " زينب " وأهلها الأسياد بنو الأسياد مصاهرة عبد سابق ، فأنزل الله تعالى آية خالدة : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا " الأحزاب : 36 . قال جمهور المفسرين – فيما يرويه ابن كثير والقرطبى والطبرى وغيرهم – أن هذه الآية نزلت بسبب رفض زينب وقومها تزويجها من زيد بن حارثة ، فلما نزلت الآية الكريمة قالت زينب رضي الله عنها : " إذا لا أعصي الله ورسوله قد أنكحته نفسي " وقال أخوها عبد الله بن جحش رضي الله عنه: "يا رسول الله مُرْنِي بما شئت" ، فتزوّج زيد زينب رضي الله عن الجميع(5).. ثم نزل بعد ذلك تحريم التبني، فاسترد زيد اسمه الأول "زيد بن حارثة" بعد أن كان يُدعى قبل ذلك زيد بن محمد . وكان رضي الله عنه وولده أسامة أحب الناس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ابنته فاطمة رضي الله عنها ، وكان يقال لأسامة الحِبْ ابن الحِبْ – المحبوب بن المحبوب – لمنزلتهما السامية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ليس هذا فقط بل إن "زيدًا" رضي الله عنه هو الصحابي الوحيد الذي ذكره الله تعالى في القرآن الكريم بالاسم صراحة في آية خالدة تتلى إلى يوم القيامة "فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكها .." (الأحزاب : 37) . ولم يظفر بهذا الشرف الرفيع - الذكر بالاسم الصريح فى القراّن - ولا حتى الصدّيق أو الفاروق رضى الله عنهما ، فهل هناك تكريم لهذا العبد السابق أكثر من ذلك ؟!! كما عيّنه النبي عليه السلام قائدًا للجيش في غزوة "مؤتة" أميرًا على أكابر الصحابة ، ثم ولّى ابنه أسامة بن زيد قيادة الجيش من بعده . وعندما اعترض البعض قال النبى – صلى الله عليه وسلم : "إن يطعنوا فى إمارته فقد طعنوا فى إمارة أبيه – زيد – وأيم الله إن كان لخليقًا للإمارة ، وأن كان من أحب الناس إلىَّ ، وإن ابنه هذا لمن أحب الناس إلىَّ بعده" متفق عليه .
وعندما تُوفي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجيش أسامة ينتظر خارج المدينة ، أصر أبو بكر الصديق خليفته على أن يواصل أسامة مهمته تنفيذًا لأمر النبي عليه السلام ، ورفض أن يستبدل أسامة ، أو أن يعزله عن منصب ولاه إيّاه الرسول صلى الله عليه وسلم . وخرج "أبو بكر" يمشي مودّعًا للجيش ، وأسامة راكب على فرسه ، ورفض أبو بكر أن يركب ، أو أن ينزل أسامة ليمشي إلى جواره .. هذا هو الإسلام العظيم ، الرجل الثاني في الإسلام يمشي ، ومولى ابن مولى راكب على فرسه إلى جواره قائدًا لجيش فيه أكابر الصحابة وسادات العرب .
ونذكّر بأن النبي صلى الله عليه وسلم نصح فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن تتزوج أسامة بن زيد ، واختاره لها مُفَضِّلاً إياه على معاوية بن أبي سفيان السيد ابن سيد مكة من قبل وأبو جهم رضي الله عن الجميع . فهل جاء أحد غير الإسلام بمثل هذا ؟ !
بل إن قصة الصحابي الجليل " زيد بن حارثة " رضي الله عنها هي وحدها دليل قاطع على منهج التحرير الإسلامي ، والمكانة السامية التي رفع الله إليها أولئك العبيد الذين كانوا قبل الإسلام لا يُعَدّون شيئًا مذكورًا .
لقد تعرض زيد رضي الله عنه في صغره للخطف ، ثم باعه القراصنة في سوق "عكاظ " بمكة قبل الإسلام . واشتراه حكيم بن حزام ثم وهبه لعمته السيدة خديجة رضي الله عن الجميع ، ثم وهبته بدورها لزوجها محمد صلى الله عليه وسلم فأعتقه . وشاء القدر أن يستدل والد " زيد " وعمه على مكانه بمكة ، فجاءا إلى النبي عليه السلام ، وعرضا عليه ما يشاء من المال مقابل اعادة ولدهما إليهما . ولكن الكريم بن الكرام عليه السلام رفض المال ، وعرض عليهما ما هو أنبل وأكرم ، وهو أن يتم تخيير " زيد " بين البقاء عند النبي أو العودة مع أبيه وعمه إلى موطنه الأصلي ، فإن رغب في الرحيل مع أبيه وعمه فهو لهما بلا أي مقابل ، وإن اختار البقاء مع النبي فله ذلك .. هل يفعل هذا بشر غيره عليه الصلاة والسلام ؟! وفوجئ الأب والعم " بزيد " يرفض العودة معهما إلى بلده وأمواله الطائلة وقبيلته الكبيرة ، ويؤثر البقاء مع مولاه محمد بن عبد الله لما رأى من نبله وكرمه وحنانه الذي يفوق حنان أبويه !! وهنا ردّ النبي عليه السلام التحية بأفضل منها ، فأعلن على الملأ أن زيدا ابنه يرث كلاهما الآخر . كان هذا قبل الإسلام وقبل تحريم التبني . وهنا رضي والد زيد وعمه ، واطمأنا إلى حسن مقام ولدهما عند النبي الكريم فانصرفا سعيدين . فهل عامل أحد عبدًا بأنبل وأكرم من هذا ؟ وهل فعلها أحد غير سيد الأولين والآخرين من قبل أو من بعد ؟ ! لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بعتق زيد وتبنيه بل زوّجه حاضنته " أم أيمن " التي كان قد أعتقها بدورها .. ثم كانت الخطوة الأخرى الكبرى لتحطيم كل الفوارق بين البشر ، وتطبيق المساواة بين الأسياد والعبيد على أرض الواقع . فقد خطب النبي صلى الله عليه وسلم – بعد الإسلام – ابنة عمته الحسيبة النسيبة زينب بنت جحش لمولاه زيد بن حارثة .. وكان القوم ما زالوا حديثى عهد بالجاهلية وفخرها بالأحساب والأنساب ، فوجدوا في أنفسهم ضيقًا شديدًا وحرجًا بالغًا من هذه الزيجة التي اعتبروها غير متكافئة ، بل تلحق بهم العار، طبقا لما كان عليه العرب في الجاهلية من أعراف وتقاليد .
وهكذا رفضت " زينب " وأهلها الأسياد بنو الأسياد مصاهرة عبد سابق ، فأنزل الله تعالى آية خالدة : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا " الأحزاب : 36 . قال جمهور المفسرين – فيما يرويه ابن كثير والقرطبى والطبرى وغيرهم – أن هذه الآية نزلت بسبب رفض زينب وقومها تزويجها من زيد بن حارثة ، فلما نزلت الآية الكريمة قالت زينب رضي الله عنها : " إذا لا أعصي الله ورسوله قد أنكحته نفسي " وقال أخوها عبد الله بن جحش رضي الله عنه: "يا رسول الله مُرْنِي بما شئت" ، فتزوّج زيد زينب رضي الله عن الجميع(5).. ثم نزل بعد ذلك تحريم التبني، فاسترد زيد اسمه الأول "زيد بن حارثة" بعد أن كان يُدعى قبل ذلك زيد بن محمد . وكان رضي الله عنه وولده أسامة أحب الناس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ابنته فاطمة رضي الله عنها ، وكان يقال لأسامة الحِبْ ابن الحِبْ – المحبوب بن المحبوب – لمنزلتهما السامية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ليس هذا فقط بل إن "زيدًا" رضي الله عنه هو الصحابي الوحيد الذي ذكره الله تعالى في القرآن الكريم بالاسم صراحة في آية خالدة تتلى إلى يوم القيامة "فلما قضى زيد منها وطرًا زوجناكها .." (الأحزاب : 37) . ولم يظفر بهذا الشرف الرفيع - الذكر بالاسم الصريح فى القراّن - ولا حتى الصدّيق أو الفاروق رضى الله عنهما ، فهل هناك تكريم لهذا العبد السابق أكثر من ذلك ؟!! كما عيّنه النبي عليه السلام قائدًا للجيش في غزوة "مؤتة" أميرًا على أكابر الصحابة ، ثم ولّى ابنه أسامة بن زيد قيادة الجيش من بعده . وعندما اعترض البعض قال النبى – صلى الله عليه وسلم : "إن يطعنوا فى إمارته فقد طعنوا فى إمارة أبيه – زيد – وأيم الله إن كان لخليقًا للإمارة ، وأن كان من أحب الناس إلىَّ ، وإن ابنه هذا لمن أحب الناس إلىَّ بعده" متفق عليه .
وعندما تُوفي الرسول - صلى الله عليه وسلم - وجيش أسامة ينتظر خارج المدينة ، أصر أبو بكر الصديق خليفته على أن يواصل أسامة مهمته تنفيذًا لأمر النبي عليه السلام ، ورفض أن يستبدل أسامة ، أو أن يعزله عن منصب ولاه إيّاه الرسول صلى الله عليه وسلم . وخرج "أبو بكر" يمشي مودّعًا للجيش ، وأسامة راكب على فرسه ، ورفض أبو بكر أن يركب ، أو أن ينزل أسامة ليمشي إلى جواره .. هذا هو الإسلام العظيم ، الرجل الثاني في الإسلام يمشي ، ومولى ابن مولى راكب على فرسه إلى جواره قائدًا لجيش فيه أكابر الصحابة وسادات العرب .
ونذكّر بأن النبي صلى الله عليه وسلم نصح فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن تتزوج أسامة بن زيد ، واختاره لها مُفَضِّلاً إياه على معاوية بن أبي سفيان السيد ابن سيد مكة من قبل وأبو جهم رضي الله عن الجميع . فهل جاء أحد غير الإسلام بمثل هذا ؟ !